وجه الحقيقة … تفاؤل حذر يسبق انطلاق مفاوضات جنيف … إبراهيم شقلاوي

بدا الشارع السوداني متفائلاً بعد أن تواترت الأخبار عن نجاح المباحثات التي أجراها وفد الحكومة السودانية مع وفد الحكومة الأمريكية أول الأمس بالمملكة العربية السعودية إنفاذاً لآخر بنود المطالبات التي طرحتها الخارجية السودانية كأساس للتفاوض مع قوات الدعم السريع المتمردة في مدينة جنيف السويسرية في الرابع عشر من الشهر الحالي.

بدأت الاجتماعات بين الطرفين بعد تأكيد الحكومة السودانية على رفض أي تعديل في هيكل الوساطة و الإبقاء على المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية على قدم المساواة، و في ذلك إشارة واضحة إلي التزام الحكومة بالاستمرار في منبر جدة و إرضاء الرأي العام في الداخل السوداني الذي ظل يثق في المملكة العربية السعودية وفي كافة مساعيها لتحقيق السلام ووقف الحرب بجانب أمريكا، حسب تسريبات إنتهت المباحثات إلى نتائج إيجابية على ضوءها من المتوقع أن يعود الوفد الحكومي الي مدينة بورتسودان اليوم بعد أن قام الوفد بإجراء مشاورات واسعة مع وفد الإدارة الأمريكية الذي ضم كل من المبعوث الأميركي للسودان (توم بيريللو) ونائب مدير المخابرات للسي اي إيه وآخرين للاتفاق حول أجندة التفاوض وخارطة الطريق فيما يتعلق بمفاوضات جنيف.

كما يبدو أن المباحثات قد إنتهت إلى نتائج إيجابية كما ذكرنا لذلك من المتوقع إعلان الحكومة السودانية بصورة رسمية المشاركة في المفاوضات المعلن عنها في الرابع عشر من هذا الشهر على ضوء ما تمخضت عنه هذه المباحثات التي وصفت حسب المصدر بالناجحة.. بالرغم من أن هناك حديث عن احتمال تأجيل الموعد اسبوع اخر لأستكمال المشاورات.. التي تتجه الي ترفيع الوفود مايمكن الي اتخاذ القرار..علي الرغم من حديث عن أن المفاوضات لو بدأت وتوصلت لاتفاق يمكن أن يوقع بالأحرف الاولي لياتي اعتماده بعد ذلك على أعلى مستوى.. في حضور دولي اشمل من جميع الأطراف.

حسب مارشح من أخبار تم الاتفاق مع الجانب الأمريكي على أن تبدأ أجندة التفاوض بوقف إطلاق النار، وانسحاب القوات المتمردة من الأعيان المدنية، وفتح المسارات الإنسانية وتأمينها بواسطة رقابة دولية مشتركة بعد التشاور مع الحكومة السودانية.

وقالت مصادر قريبة من أجواء المباحثات مع الوسيط الأمريكي بحضور ممثلين عن المملكة العربية السعودية بأنه تم التوافق على تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار اعتمادا على إتفاق جدة الموقع في مايو من العام الماضي، كذلك أتفق على أن يتم تسمية الوفد المفاوض في جنييف بوفد الحكومة السودانية. ومن المرجح أن يشارك ذات الوفد بقيادة الوزير محمد بشر أبو نمو وعضوية السفير دفع الله الحاج ومفوض العون الإنساني سلوى بنية بجانب وفد عسكري برئاسة اللواء محجوب بشرى و اللواء أبو بكر فقيري والمقدم طلال سليمان.

كذلك حسب تسريبات رفض وفد المباحثات مشاركة دولة الإمارات وبريطانيا ومنظمة الإيقاد كمراقبين، كذلك امتنع الوفد عن نقاش أي مسار سياسي باعتبار هذا الجانب مؤجل إلى حين إكتمال الترتيبات الأمنية والعمليات الإنسانية وتسمية الرقابة الدولية الخاصة بتنفيذ إتفاق جدة. كذلك أكد الوفد على إعتماد ممرات الإغاثة التي اعتمدتها حكومة السودان وسلمت وثيقتها للمنظمة الدولية عبر المنافذ المحددة، و عدم إعتماد منافذ جديدة غير محددة وغير متفق عليها، كذلك وحسب صحيفة الشرق الأوسط في وقت سابق يتوقع قيام لقاء بين الرئيس البرهان ووزير الخارجية بلينكن بعد إنتهاء جولة المباحثات هذه للتأكيد على عدد من القضايا المهمة بعد أن اختتمت مباحثات الحكومة السودانية ووفد الولايات المتحدة الأمريكية بنجاح ذلك قبل انعقاد مفاوضات سويسرا. الملاحظ أن الرئيس عبدالفتاح البرهان يزور اليوم العاصمة الرواندية كيغالي للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الرواندي بول كاغامي.. ربما تشهد الزيارة لقاءات مهمة.

كذلك اللافت أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم بيرييلو قد صرح عشية المباحثات أنه بينما تستعد الولايات المتحدة لإجراء محادثات عاجلة تهدف إلى وقف إطلاق النار في السودان الأسبوع المقبل في سويسرا، نجري اجتماعات نهائية في جدة تستضيفها الحكومة السعودية لإنهاء شهور من المشاورات مع أطراف النزاع والشركاء الإقليميين والخبراء الفنيين، كما أضاف في تغريدة على حسابه في منصة إكس: (الأهم من ذلك، تواصل عشرات الآلاف من السودانيين معنا مطالبين بإنهاء هذه الحرب و المجاعة). اتفق المراقبون بأن هذا التصريح شكّل أساساً جيداً للمباحثات وجعلها تصل إلى مبتغاها بسهولة ويسر. كذلك بالأمس واصل المبعوث الأميركي تصريحات حيث قال لقناة الحرة إن مفاوضات جنيف لا تمنح شرعية لأحد وهدفنا إيقاف إطلاق النار وفي ذلك إشارة واضحة للإجابة علي تخوفات البعض أن قوات الدعم السريع المتمردة تبحث عن شرعية من خلال هذه المفاوضات وهو ما دفعها للموافقة المتعجلة على قيامها ما جعل الحكومة السودانية تتخفظ منذ البداية علي الدعوة، كما أشار الي أهمية مشاركة متخذي قرار من الجانبين في المفاوضات و في ذلك إشارة أيضآ إلى الحرص للوصول إلى قرار ملزم بعد أن سرت أحاديث في الداخل السوداني عن ان القوات المتمردة ربما أصبحت خارج السيطرة المركزية للقيادة.

كل ذلك يجعل هناك تفاؤل حذر في الشارع السوداني الذي يأمل أن تبدأ المفاوضات في تاريخها المعلن اذا أمكن ذلك، وأن يتم التوصل من خلالها إلى وقف إطلاق النار الدائم و إحلال السلام العادل الذي يضمن للبلاد عودة الأمن و الاستقرار والمحاسبة الناجزة على كل الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبتها القوات المتمردة في حق الشعب السوداني خلال الحرب، هذا وحده يمثل وجه الحقيقة الذي يضمن تحقيق العدالة القانونية و الأخلاقية على كافة المستويات كما يضمن كذلك عدم العودة للحرب من جديد.
دمتم بخير وعافية..
11/ أغسطس /2024 م. Shglawi55@gmail.com

Exit mobile version