وجه الحقيقة … هل أفلح السودان في تجاوز المجاعة المحتملة؟ … بقلم إبراهيم شقلاوي

إن مفهوم الأمن الغذائي من المفاهيم القديمة المتجددة؛ حيث جاء تعريف مؤتمر القمة العالمي للأغذية الذي عُقد في عام (1996م) حسب وكالات (بأن الأمن الغذائي وضع يتحقق عندما يتمتع جميع الناس في جميع الأوقات بإمكانية الحصول المادي و الاقتصادي علي أغذية كافية و سليمة و مغذية تلبي احتياجاتهم الغذائية و أفضليتهم الغذائية من أجل حياة نشطة و صحية)، وفقاً لهذا التعريف ظل السودان من الدول الواعدة في تحقيق الأمن الغذائي لشعبه و لشعوب الإقليم من حوله بالنظر إلى ما يتمتع به من موارد مائية و أرض زراعية و خبرات في مجال الزراعة وتربية الحيوان، بالرغم من ذلك و في ظل تداعيات الحرب و التغيّرات المناخية و النداءات المتكررة التي ظلت تبعث بها المنظمة الدولية في مجال الغذاء و الكفاية من كافة المنتجات ظل السودان يعمل جاهداً لتحقيق الاكتفاء الذاتي له و لجيرانه رغم الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل من العام الماضي بواسطة قوات الدعم السريع المتمردة التي حاولت الاستيلاء على الحكم بدعم إقليمي، و التي عطلت الإنتاج الزراعي و جعلت هناك نُذُر بحدوث مجاعة في البلاد من واقع الانتهاكات الواسعة التي تعرض لها المزارعين في مناطق الإنتاج التي تقع تحت سيطرتها، حيث قامت بإتلاف الآليات الزراعية و سرقة التقاوى حسب البيان الصحفي الذي أصدرته الخارجية السودانية في الرابع من يوليو الماضي الذي قالت فيه أن مليشيا الدعم السريع -كما وصفها البيان- قد منعت وصول شحنات من البذور وفرتها منظمة الأغذية و الزراعة التابعة للأمم المتحدة للمزارعين بولاية سنار للموسم المطري، كما وصف بيان الخارجية أن ذلك بغرض إحداث مجاعة في البلاد. كذلك أشار البيان إلى نهب مخازن برنامج الغذاء العالمي في (ود مدني) ديسمبر الماضي، و نهب الآليات الزراعية و المحاصيل، و إغلاق الترع الرئيسة بمشروع الجزيرة، بجانب تخريب هيئة البحوث الزراعية و بنك الجينات الزراعية. هذا البيان الذي عده المراقبين مقلقاً للغاية حيث أشار بوضوح للمهدادت المتعلقة بالإفشال المتعمّد للموسم الزراعي.

في ظل هذه التداعيات حذّر مرصد دولي للجوع حسب صحافة محلية من خطر المجاعة في (14) منطقة في أنحاء السودان جرّاء تصاعد الحرب، و يعني هذا التقييم أن ثمة فرصة حقيقة بحدوث مجاعة في ظل أسوأ تصورات لتطور الأوضاع في تلك المناطق التي تشمل أجزاء من دارفور، و الخرطوم، و كردفان و ولاية الجزيرة.

كما أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة عن أن قرابة (18) مليون شخص في السودان من أصل (49) مليون نسمة هم عدد السكان في البلاد يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في ظل كل هذه التطورات استطاعت الحكومة السودانية السيطرة على التداعيات الناتجة جراء هذه الظروف الصعبة, كما استطاعت القيام بمجهودات كبيرة كانت مفاجأة للمراقبين و المنظمات الإقليمية؛ حيث ظل عضو مجلس السياده مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق بحري مهندس ابراهيم جابر يترأس لجنة طارئة لإنقاذ الموسم الزراعي، حيث أعلن عن إجراء ترتيبات استثنائية بالتنسيق بين كافة الوزارات المعنية بأمر الإنتاج الزراعي في البلاد لنجاح الموسم الزراعي المتوقع من مشاريع الجزيرة، و النيل الأبيض، و النيل الأزرق، و القضارف، و نهر النيل، و دارفور و كردفان، مؤكداً أنه سيكون فوق التوقعات بانتاجية غير مسبوقة رغم ظروف الحرب التي تمر بها البلاد، وقال عقب اجتماعات اللجنة العليا لإنجاح الموسم الزراعي أن المساحة المقدرة للحصاد الزراعي هذا العام تصل إلى (35) مليون فدان، مشيراً إلى ان العروة الصيفية تركزت هذا العام في انتاج غذاء غالب أهل السودان من الذرة و الدخن، و المحاصيل ذات القيمة العالية مثل الفول السوداني و السمسم، و المحاصيل البستانية من الخضر و الفاكهة، وأكد أن هذا المجهود كان نتاج تنسيق الجهود بين المزارعين و وزارة الزراعة و وزارة الري و البنك الزراعي، و طمأن المواطنيين أن المخزون الإستراتيجي للبلاد يكفي الحاجة الأساسية.

كذلك حسب الجزيرة نت فقد نفذ برنامج الغذاء العالمي بتمويل من البنك الأفريقي للتنمية تجربة حققت نجاحاً في زراعة القمح بالموسم الماضي، و أدت إلى زيادة إنتاج القمح بنسبة (70%) في مواقع المشروع المستهدفة في (5) ولايات و هي: الجزيرة، و كسلا، و نهر النيل، و النيل الأبيض و الشمالية وفق تقرير صدر خلال الشهر الماضي. يذكر أنه لا توجد فجوة غذائية في السودان، إذ أن إنتاج الذرة و القمح يبلغ أكثر من (3.3) ملايين طن، مع وجود أكثر من (2.5) مليون طن من المخزون الإستراتيجي، كما أوضح وزير الإنتاج بولاية كسلا دكتور خضر رمضان في تصريح أمس الجمعة (13 سبتمبر) حسب زحل نيوز أن المركز الدولي لتحسين الذرة و القمح (CIMMYT) قام بزراعة مساحة (50) ألف فدان كمنحة للمزارعين بمشروع حلفا الزراعي، و أفاد خضر أن المركز قام بعمليات تحضير الأرض و توفير التقاوي و زراعتها، بجانب توفير الأسمدة و مبيدات الحشائش بتمويل من المعونة الأمريكية (USAID)، مبيناً أن المشروع هدف إلى توفير الأمن الغذائي في ظل ظروف الحرب التي يعيشها السودان.

عليه يظل وجه الحقيقة بأن السودان قد قام بمجهودات كبيرة في ظل ظروف الحرب لتلافي نُذُر مجاعة محتملة أو نقص في الغذاء حسب المنظمة الدولية، و أن هذا المجهود يحسب للجنة الطواريء التي كُلّفت بإدارة الأزمة بقيادة عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام للجيش الفريق بحري مهندس إبراهيم جابر و قد أفلحت في تجاوز كافة الصعوبات و قفل الباب أمام مجاعة كانت تطرق الأبواب. لذلك ندعو إلى ضرورة مواصلة هذا اللجنة أعمالها المتعلقة بتأمين الغذاء و الإنتاج الزراعي في كافة المناطق الآمنة بالبلاد، كما يجب عليها إتخاذ كافة التدابير الجيدة التي تمكّن من تجاوز الصعوبات و التحديات لا سيما و أن الموسم الزراعي الشتوي على الأبواب و هو -بلا شك- سوف يكون موسماً مبشراً بالنظر إلى موسم الأمطار الناجح خلال هذا العام.
دمتم بخير وعافية..
السبت 14/سبتبمر /2024 م. Shglawi55@gmail.com

Exit mobile version