وجه الحقيقية … السودانيون يرفضون لجنة موسيفيني ويتمسكون بجدة … بقلم إبراهيم شقلاوي

تظل أزمة السودانيين و حكومتهم مع الاتحاد الإفريقي و منظمة الإيقاد منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل من العام الماضي بعد الإنقلاب الذي قامت به قوات الدعم السريع المتمردة و داعميها من الإقليم و بعض القوى السياسية أزمة ثقة أوجدها غياب البعد الأخلاقي و القانوني و السياسي الملزم لكِلا المنظمتين بتعريف الحرب كما عرفتها الحكومة و الجيش السوداني، و من ثم السعي لإيقافها على الأقل بإعتبارهما الحكومة و الجيش الوطني الذين يمثلون السودان و السودانيين، و الذي يجري التعامل معهم وفقاً لذلك من جميع دول العالم و منظماته الإقليمية و الدولية، هذا أبسط ما كان يطلبه السودانيون و حكومتهم؛ تعريف الحرب تعريفا دقيقاً و إدانة التمرد كما فعل الاتحاد الأفريقي و الإيقاد من قبل مع دول عديدة في القارة، و ليس ما حدث من تمرد في إثيوبيا ببعيد.

في الحالة السودانية و التي ظهر فيها حال الاتحاد الإفريقي كما يبدو متراجعاً بائساً خاضعاً لأطراف صادرت قراره لصالح مشروع الوصاية الأجنبي و اختطاف الدولة السودانية، كان السودانيون يتطلعون إلي إدانة التمرد و جميع الانتهاكات و الفظائع المرتكبة بحقهم، هذه الإدانة المهمة إن حدثت مبكراً من الإتحاد الإفريقي كانت سوف تساهم مساهمة كبيرة في وقف الحرب و تحد من تطاول أمدها، بل كان من المؤكد ستحقن دماء السودانيين و تحفظ أمنهم، لكن للأسف ظل الاتحاد الإفريقي و منظماته و منظمة الإيقاد ينظرون لحرب السودان من وجهة نظر دول أخرى هي من ساهمت في إشعال الحرب و تقوم بدعمها حتي اللحظة. لم يجرؤ الاتحاد الإفريقي و الإيقاد لإدانتها و لو تلميحاً، بل ذهبت بعض الدول الأفريقية التي كان يعتبرها السودان صديقة و حليفة إلى استقبال قائد التمرد بعد إشعال الحرب استقبال الرؤساء، و هي تدّعي اليوم الحرص على وقف الحرب بعد عامين إلا قليلاً، و بعد أن أوشكت القوات المسلحة السودانية على حسم التمرد لصالح وحدة السودانيين و أمنهم، عليه كيف يريد الاتحاد الإفريقي استجابة الحكومة السودانية و السودانيين لمبادرات وقف الحرب و هم لايثقون فيه؟! بل هو من يجمد عضويتهم في المنظمة و ينظر للحرب من وجهة نظر الطرف الذي أشعلها و انتهك أبشع الانتهاكات في حقهم و التي أثبتتها عدد من المنظمات الحقوقية و الإنسانية، لذلك حين أعلن أول أمس وزير خارجية السودان حسين عوض في حوار مع مركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية و تقييم المخاطر أن الحكومة السودانية لن تقبل أن تفرض عليها أية حلول لقضاياه من الخارج، و أن الحرب كشفت عن أصدقاء السودان الحقيقيين، الرجل كان يعني ما يقول بل عبّر فعلاً عن النتائج التي توصل لها الشعب السوداني و حكومته جراء هذه الحرب، حيث أثبتت المواقف المخزية من جواره الإفريقي و عدد من المنظمات الاقليمية والدولية. وهذا انسحب ضمنا على مبادرة الرئيس الأوغندي (يوري موسيفيني) ، التي رشح حديث عنها مؤخراً ، و عن قمة خماسية برئاسته في الثالث والعشرين من أكتوبر الجاري، و التي قيل أنها تجمع بين فخامة الرئيس السوداني قائد الجيش عبد الفتاح البرهان و قائد التمرد محمد حمدان دقلو لمناقشة حرب السودان، هذه القمة التي وصفها مراقبون أنها تأتي برغبة الداعم الإقليمي للتمرد بعد أن خسر حربه على الدولة السودانية في الميدان جراء صمود و بسالة الجيش السوداني و تلاحم الشعب السوداني معه.، لذلك جاء حديث السيد وزير الخارجية السوداني واضحا و متسقا مع رؤية القيادة و الشعب السوداني، حيث قال :(إنه في الأسبوع الثالث من أكتوبر الجاري، هناك لجنة خماسية تم تشكيلها من قبل مجلس الأمن و السلم التابع للاتحاد الأفريقي برئاسة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني بشأن السودان، وهذه لجنة عرجاء، فالاتحاد الأفريقي جمد عضوية السودان ويحاول أن يكون له دور فلن يكون للاتحاد أي دور إن لم تعد عضوية السودان للمنظمة، وبعد ذلك يساهم و يشارك في حل قضاياه، و السودان لن يقبل أن تفرض أية حلول لقضاياه من الخارج سواء برئاسة موسيفيني أو غيره فالشأن السوداني متروك للسودان و السودانيين). هذا الحديث الذي عده المراقبون رفضاً واضحاً لمساعي اللجنة الخماسية برئاسة الرئيس موسيفيني لما أعلن من مبادرة، حيث رحبت بحديث الوزير قطاعات واسعة من السودانيين، أكدوا علي أن وقف الحرب يتم بإلزام التمرد بما وقع عليه في جدة من العام الماضي، عليه يظل وجه الحقيقة في التأكيد على أهمية تحقيق السلام و استعادة الأمن للسودانيين بعد أن أعيتهم الحرب نزوحاً و تشريداً، فضلاً عن الانتهاكات التي ترتكبها القوات المتمردة في حقهم، ذلك يضمنه خروج التمرد من بيوت المواطنين و الأعيان المدنية و تسليم اسلحتهم و دخولهم للمعسكرات تمهيداً لإدماج ما تبقي من هذه القوات داخل الجيش وفقاً لقانون القوات المسلحة السودانية، هذا يحققه إتفاق جدة للترتيبات الأمنية و الإنسانية الموقع في (11) مايو من العام الماضي، كذلك من المهم توافق السودانيين حول القضايا الوطنية و تفويض الجيش لإدارة البلاد لفترة معلومة مع حكومة كفاءات وطنية من المدنيين غير حزبية تضمن إدارة اليوم التالي من الحرب وصولاً لانتخابات عادلة يشارك فيها جميع السودانيين دون استثناء أو اقصاء لأحد، هذه المحددات المهمة و الأساسية وحدها تضمن الاستقرار و إستعادة الأمن و السلام.
دمتم بخير وعافية.
الأربعاء 9 أكتوبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com

Exit mobile version