خدمات شبكات (إستار لينك).. التحدي القادم مقابل سيادة الدول (1 من 3) … بقلم/ م. عبدالمنعم عوض دويح
شهد عصر الثورة الصناعية الرابعة في العالم تداخلاً تكنولوجياً هائلاً بين مختلف المجالات العلمية و الصناعية بل و حتى البيلوجية، حيث أصبح الاعتماد على البيانات الرقمية و تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء و التنبّوء الاقتصادي بواسطة البيانات الضخمة الناتجة عن حركة الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات و ما صاحبه من تطوير برمجيات و أنظمة ذكية في شتّى المجالات، و أصبحت المجتمعات تعتمد في جُلْ أعمالها على استخدام التقنيات الحديثة التي أفرزها التنافس الشديد بين شركات ريادة الأعمال العملاقة لاكتساب أسواق جديد في عالم المال و الأعمال حول العالم، للدرجة التي جعلت حتى الحكومات تستجيب لمواكبة هذا التطور التقني المتعاظم و تسخيره في حوجة المواطن لتقديم خدمة تتمتع بالسهولة و السرعة و تبسيط الإجراءات المرتبطة بجميع المعاملات الحكومية فيما عرف بعد ب(برامج الحكومة الإلكترونية)، و غايتها سرعة و سهولة وصولها إلى طالب الخدمة، و ظهر أيضاً مفهوم المدن الذكية التي تعتمد في تصميمها و خدماتها و الحياة فيها بالكامل على التقنيات الحديثة، و التطبيقات، و المعاملات المالية الإلكترونية، و برامج التعليم عن بعد، و التطبيب، و العلاج من على البعد و حتي المحاكم القضائية التي تُعقد جلساتها إسفيرياً من على البعد.
في السابق إعتمدت الشركات العلاقة في التكنولوجيا في العالم في تقديم خدماتها على ضرورة الحصول على موافقات من حكومات الدول التي ترغب في الاستثمار داخلها و تقديم خدماتها لمواطني تلك الدول، فبرزت إلى أسماع و معارف العالم ما يعرف بالتراخيص في مجال الاتصالات و تكنولوجيا المعلومات، فما من شركة تستطيع تقديم الخدمات في دولةٍ ما إذا لم تستوفِ جميع الشروط و الإلتزامات الواردة في نصوص الاتفاقيات التي فرضها عليها حكومات الدول المختلفة وفقاً لقوانينها و لوائحها المنظمة، و كان هذا الوضع سائداً حتى قبيل الانفجار المعلوماتي الكبير الذي أربكته التطورات التي حدثت في مجال خدمات الانترنت و ما صاحبها من اعتماد جميع الأنظمة الحديثة على بروتوكول الإنترنت في نقل المعلومات و البيانات بما فيها البيانات الصوتية و عبورها لحدود الدول و جعل العالم كله متصلاً، و منذ تلك اللحظة إنحسرت مفاهيم الخصوصية و الأمان الشئ الذي دفع بالمقابل إلى نمو مفاهيم الأمن السيبراني و أدواته لمواجهة هذه الانتهاكات الخطيرة في مفاهيم حماية و أمن البيانات، و أصبحت هناك فرق حكومية و من القطاع الخاص متخصصة تعمل كفرق طوارئ للإستجابة للحوادث و الاختراقات التقنية التي أصبحت تهدد بنية المعلومات الحساسة بالدول و حتى الشركات الصناعية الكبرى.
في السنوات العشر الأخيرة و مع إنتشار تكنولوجيا الاتصالات و المعلومات و مناداة و دعوة الجهات الدولية المختصة للدول لتنمية المجتمعات و استدامتها و نشر الخدمات و وصولها لكافة المواطنين؛ برزت الحوجة إلى تغطية المناطق النائية بخدمات الاتصالات و الإنترنت في العديد من الدول، خاصة تلك الدول التي تملك مساحات شاسعة من الأراضي، و بها صحارى و مناطق غير مأهولة بالسكان، فبالإضافة إلى جهود شركات تقديم خدمات الاتصالات المحلية برزت شركات عالمية أخرى في مجال تقديم خدمات الاتصالات و الإنترنت عبر الأقمار الصناعية التي تغطي مساحات شاسعة من خلال إرتفاعاتها الشاهقة، أيضاً ارتبط تقديم مثل هذا النوع من الخدمات بموافقة الحكومات حيث يتم ترخيص الخدمة لشركة الاقمار الصناعية التي تريد إنزال خدماتها إلى الدولة المعنية عبر المحطات الأرضية التي يتم إنشاءها لتقديم هذه الخدمات للقطاعات المستفيدة منها مثل شركات التعدين و شركات البترول التي تعمل في المناطق الخلوية الصحراوية النائية، و قد استفادت القطاعات الحكومية و حتى العسكرية من هذه الخدمات عبر ربط وحداتها المنتشرة في الصحاري و الحدود عبر أجهزة اتصالات يدوية محمولة مثل أجهزة (الثريا). و قد كان هذا النوع من الخدمات و حتى الآن يرتبط تقديمه بواسطة أقمار بعيدة المدارات عن الأرض ضمن مدارات مستقرة تبعد حوالي (36 ألف كلم) عن الأرض و تستخدم لتقديم خدمات الاتصالات و خدمات البث التلفزيوني مثل أقمار (عربسات)، و (نايل سات)، و (إنمارسات)، و (يوتلسات) و (الثريا) و غيرها.
ونواصل…