أصل القضية … من بشاعة الدمار إلى الابتكار في الإعمار: الخرطوم كنقطة انطلاق لتبني إستراتيجية الجسر والمورد .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

من قلب الخرطوم، حيث الخراب و الدمار الذي خلفته الحروب و الصراعات، تنبع فرصة استثنائية لبدء مرحلة جديدة من الإعمار، ليس فقط على الصعيد المادي بل أيضا في بناء استراتيجية جديدة لمكانة السودان الدولية. من خلال استراتيجية الجسر و المورد، يمكن للخرطوم أن تصبح نموذجا يعكس كيفية تحويل المحن إلى فرص عظيمة و استعادة السودان لدوره الريادي في المنطقة و العالم.
البساطة في الفكرة: التحول من الدمار إلى النمو:
بينما يُسجل التاريخ لحظات مؤلمة من الدمار في الخرطوم، يجب أن نبحث عن حلول مباشرة و ملموسة لبناء مستقبل أفضل. إستراتيجية الجسر و المورد تقدم رؤية واضحة لاستغلال الموارد المحلية و توجيهها نحو التنمية المستدامة، بما يساهم في تحسين البنية التحتية للمدينة و تعزيز قدرتها على استيعاب الأزمات القادمة. مشاريع مثل تحسين الري و الزراعة الذكية، بالإضافة إلى تطوير شبكات المياه و الطاقة تعد خطوات ملموسة لبناء أساس متين للمستقبل.
الشراكة مع القطاع الخاص: دور الشركات الوطنية في الإعمار
لإعادة إعمار الخرطوم، لابد من توفير مصادر تمويل مستدامة، و هو ما يتطلب شراكة فعالة مؤسسة بين الحكومة و القطاع الخاص. يمكن أن تلعب الشركات التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية دورًا محوريًا في هذه العملية من خلال التعاون في بناء مشروعات استراتيجية تعزز الاقتصاد المحلي و تدعم التنمية المستدامة.
1. شركة زادنا العالمية، على سبيل المثال، تملك خبرة طويلة في مجال الزراعة و الصناعات الغذائية، و يمكنها المساهمة بشكل فعال في تطوير مشروعات الزراعة المستدامة، بينما تساهم هيئة التصنيع الحربي في مشاريع البنية التحتية عبر شركة جياد القابضة من خلال منتجاتها التقنية والهندسية عالية الجودة. عبر هذه الشراكة، يمكن تمويل العديد من المشروعات الضرورية مثل الطرق و المياه و الكهرباء و هو ما يساهم في خلق بيئة مواتية للنمو الاقتصادي.
2. من الممكن أيضًا تشكيل صندوق استثماري مشترك بين ولاية الخرطوم و هذه الشركات، بحيث يتم توجيه الاستثمارات إلى مشروعات البنية التحتية الرئيسة. الصندوق يمكن أن يتيح إمكانية جذب الاستثمارات المحلية والدولية عبر آليات تمويل مبتكرة مثل – سندات الكرامة- أو عبر القروض الميسرة، مما يضمن تنمية المشاريع وفق خطة مدروسة تتناسب مع الواقع المحلي.
تفعيل دور القطاع الخاص في الإعمار-شراكة حقيقية مستدامة:
لماذا منظومة الصناعات الدفاعية؟ لأنها تمتلك الخبرات و الموارد بما يجعلها شريكًا مثاليًا في إعادة إعمار الخرطوم. هذا التعاون ليس فقط حول التمويل، بل يتعداه إلى الخبرة التقنية و احتياجات السوق المحلية، مما يساهم في خلق فرص عمل محلية و يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي.
شراكة القطاعين العام و الخاص (PPP) تتيح أيضا توسيع نطاق المشاريع التنموية، حيث تقوم الشركات الخاصة بتولي بعض المشاريع الكبرى مثل البنية التحتية، الطاقة، النقل، و النفايات مع ضمان توفير خدمات أساسية للسكان. هذه المشاريع يمكن أن تتضمن استخدام تقنيات حديثة في إدارة المياه و الصرف الصحي و هو ما يُعد من أولويات خطة الإعمار.
استعادة مكانة السودان العالمية عبر الشراكة الفاعلة:
إعادة بناء الخرطوم تتجاوز حدود الإعمار المحلي. إذ يمكن للسودان، عبر استراتيجية الجسر و المورد أن يستعيد مكانته الدولية كداعم للسلام و الاستقرار الإقليمي. من خلال تبني نموذج الشراكة بين القطاعين العام و الخاص، و تطوير مشروعات قابلة للتطبيق محليًا و دوليًا، يمكن للسودان أن يظهر للعالم قدرته على بناء بيئة اقتصادية مستدامة. هذه الشراكة ستعزز حضور السودان كداعم لمشروعات التنمية المستدامة في المنطقة، و تجذب الاستثمارات الدولية خاصة في مجالات الزراعة و الطاقة المتجددة.
من الأفكار إلى التنفيذ: نموذج واقعي لتحقيق الإعمار المستدام:
الإعمار ليس مجرد خطة على الورق، بل هو واقع يتم بناءه على الأرض. عبر شراكة الخرطوم مع الشركات الوطنية مثل هيئة التصنيع الحربي و شركة زادنا، يمكن تنفيذ مشاريع حقيقية تسهم في تحسين حياة المواطنين، و تعيد للسودان مكانته بين دول العالم المتقدمة. من خلال هذا النموذج التشاركي، يمكننا تحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية، مثل:
1. تعزيز النمو المحلي عبر تحسين الصناعة المحلية، خاصة في مجالات التصنيع الزراعي و الصناعات الهندسية.
2. توفير وظائف جديدة و تحقيق الاستقرار الاجتماعي، مما يساهم في تقليل معدلات البطالة.
3. زيادة الاستثمار المحلي و الدولي عبر توفير بيئة استثمارية تشجع على الابتكار في البنية التحتية و القطاع الزراعي.
بناء السودان من جديد: رؤية مستدامة للأجيال القادمة
ما نحتاج إليه هو رؤية طويلة المدى تركز على التنمية المستدامة، و تحويل الخرطوم إلى مركز للابتكار في أفريقيا و العالم العربي. من خلال شراكة القطاع الخاص و الحكومة، يمكننا استثمار الوقت و الموارد بشكل فعال لتحقيق استدامة حقيقية تعود بالفائدة على الأجيال القادمة. الخرطوم يمكن أن تصبح نموذجًا رائدًا في الإعمار الذكي الذي لا يقتصر على بناء المباني بل يتضمن أيضًا بناء الإنسان و المجتمع.
أصل القضية:
إذا كان هناك من شيء يمكن أن يحدد مستقبل السودان، فهو قدرته على تحويل التحديات إلى فرص، من خلال شراكات إستراتيجية تعزز الاقتصاد الوطني و تعيد له مكانته المرموقة. إستراتيجية الجسر و المورد هي المفتاح لتحقيق ذلك، و من خلال التعاون بين ولاية الخرطوم و الشركات التابعة لمنظومة الصناعات الدفاعية، يمكن للسودان أن يضع قدمه بثقة في طريق الإعمار المستدام، ليكون لاعبا مؤثرًا على الساحة الإقليمية و الدولية. السيد والي ولاية الخرطوم لا تنتظر التعمير كن أنت من يصنعه.