مقالات الرأي
أخر الأخبار

المبادرة التركية .. ضوء أخضــر في منطقة “رمـــادية” !!

تحليل إخباري: مركز الخبراء العرب
بات في شبه المؤكد ان تسمي الحكومة التركية مبعوثا لها لاستجلاء موقف الاطراف السودانية حول المبادرة المطروحة من قبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لوقف الحرب في السودان و ذلك لعدة أسباب يستصدرها تنقية ما أسماه البعض بـ”بوادر الاحتقان” غير المشجع للمضي قُدماً في تحقيق أهداف المبادرة التي رحبّت بها الحكومة السودانية في أكثر من موقف إلا أنه لم يخفي التوجس من “نوايا” دولة الإمارت حول مستقبل السلام في السودان.
و ذكر مصدر دبلوماسي رفيع لـ” مركز الخبراء العرب” أن بيان وزارة الخارجية الإماراتية بشأن المبادرة التركية يعتبر أول “إسفين” تم تثبيته في جسم المبادرة، رغم تظاهره بالترحيب التام للمبادرة و لكنه أصر على التمادي في اتجاه يسقط الكثير من الشكوك على نوايا الإمارات و ذلك بتعمّدها لإظهار الجيش السوداني في موقف الرافض للحلول و قد جاء ذلك بوضوح في بيان الخارجية الاماراتية في الفقرة الآتية :” غياب القوات المسلحة السودانية عن محادثات السلام الأخيرة التي شاركت فيها دولة الإمارات إلى جانب عدد من الدول و المنظمات الإقليمية و الدولية عبر منصة (ALPS) في جنيف، يعد تجاهلاً صارخاً لمعاناة الشعب السوداني الشقيق، و عدم الرغبة في التعاون و الانخراط في محادثات السلام لإنهاء الأزمة و تحقيق السلام الدائم”.
و لم يكد يجف مداد البيان الإماراتي حتي عاجله بيان سوداني صادر عن وزارة الخارجية وصفت من خلاله بيان الحكومة الإماراتية بأنه لا يعد غير أن يكون محاولة للهروب من الحقيقة التي بات العالم يعرفها بأن الإمارات مسؤولة بشكل مباشر عن كل الدماء التي أُريقت و تراق في السودان.
و برر البيان الذي تحصل “مركز الخبراء العرب” على نسخة منه غياب الجيش السوداني عن مفاوضات جنيف :” لقد كان أوضح علامات عدم جدية وجدوى هذه الاجتماعات مشاركة الامارات فيها ولم يكن مفاجئا تصعيد المليشيا لمجازرها ضد المدنيين مباشرة بعد تلك الاجتماعات لأن راعيتها اعتبرت صانعة سلام و نالت هي اعترافاً شجعها على مواصلة جرائمها”.
غير أن بيان وزارة الخارجية السودانية لم يبدِ اعتراضاً على المبادرة التركية بل رحّب بها مشيداً بالجهود الدبلوماسية التركية لحل أزمة السودان، و أن أي جهد لإقناع الإمارات بأن تكف أذاها عن السودان و شعبه يستحق التشجيع و التعاطي الإيجابي معه، و هو ما عبّر عنه (علي يوسف الشريف) وزير الخارجية السوداني في مقابلة أجرتها معه “وكالة الأناضول” التركية، مؤخراً، حيث ذكر أن المبادرة التركية سيكون لها مردود إيجابي، و نأمل أن تنجح و هو اتجاه سار فيه أيضا وزير الإعلام السوداني (خالد الإعيسر) لذات الوكالة حيث صرّح قائلاً: “العلاقات التركية السودانية راسخة ومتينة، والمبادرة التركية محل احترام وتقدير، و هي محاولة تدخل تركية لتحقيق وقف الحرب في السودان، مبيناً أن الدول التي تدخلت في الشأن السوداني إذا التزمت و أوقفت إمداد المليشيا بالسلاح، فليس هناك ما يمنع من التفاكر حول كيفية دفع هذه الدول لترفع يدها عن بلادنا”.
و في السياق قللت مصادر دبلوماسية رفيعة تحدثت لـ”مركز الخبراء العرب” حول بروز ما أسمته بالمخاوف غير المزعجة التي تثيرها وسائط التواصل الاجتماعي حول تعقيدات يمكن أن تواجه جسم المبادرة التركية تتمثل في وجود أكثر من تيار داخل كابينة القيادة في السودان له أكثر من رأي حول المبادرة التركية، و قالت المصادر أن أطرافاً إقليمية لها وزنها على الساحة الدولية باتت على قناعة شبه راسخة مفادها أن تقدم الجيش السوداني في مسارح العمليات يؤهله أن يفاوض في “موضع القوة” بالمنهج الذي يراه مسانداً و معززاً  لقوته وتقدمه في الميدان القتالي في كل محاور الاشتباك مع مليشيا الدعم السريع، موضحة أن أغلبية هذه الأصوات تروّج لوجود تباينات بوجهات النظر خدمة لأجندة معلومة للقيادة السودانية كلما اقترب الجيش من ساعة الحسم وهي اصوات تحاول ان توحي للرأي العام الداخلي و الخارجي أن المليشيا لا تعاني من حالة “توهان و ضعضعة” بل تحتفظ بقوتها و لكن واقع الحال يكذّب هذه المزاعم.
و يرى مراقبون أن مؤشرات تحرك أذرع المبادرة التركية يمكن لها ان تبدأ في التقاط ثمة إشارات وضحت من خلال الموقف الرسمي للحكومة السودانية بشأن إحلال السلام في السودان، و قد عبر عنها رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان من خلال خطابه الذي وجهه للشعب السوداني و بثه تلفزيون السودان بمناسبة الذكرى الـ69 لاستقلال البلاد حيث قال :”تعددت المبادرات و المنابر الداعية لوقف الحرب، فكان طريقنا واضحاً و هو طريق الشعب، و أنه لا يمكن أن تعود الأوضاع كما كانت عليه قبل 15 أبريل 2023م و لا يمكن القبول بوجود هؤلاء القتلة و المجرمين وداعميهم وسط الشعب السوداني مرة أخرى”، قبل أن يضيف “و نحن نعد العدة لحسم المعركة لصالح الشعب السوداني، لا يمنعنا ذلك من الانخراط في أي مبادرة حقيقية تنهي الحرب، و تضمن عودة آمنة للمواطنين إلى مواطنهم و انتفاء ما يهدد حياتهم مرة أخرى”.
و فيما أكد بعض المحللين أن الخطاب المشار اليه يعد بمثابة “ضوء أخضر” للقبول بالمبادرة التركية قطع آخرون بتفسيرات أخرى للخطاب مفادها أن رسائل البرهان التي قصد أن يخاطب بها المجتمع الدولي في مناسبة قومية تشير إلى أن نجاح المبادرات نفسها بات مرهوناً لقياسات رأي عام دقيقة تستصحب رغبات الشعب السوداني قبل التوجه نحو أي حلول من شأنها إيقاف الحرب في السودان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى