وجه الحقيقة … رغم الحرب : نقول سلامنا للعلم شايلين كتبنا والقلم … بقلم/ إبراهيم شقلاوي

أعلم أن التحديات التي فرضتها الحرب المستمرة في السودان، فوق الاحتمال لكن يبقى الأمل معقوداً علي إرادة السودانيين. فقد قررت وزارة التربية والتعليم في ولاية الخرطوم استئناف العام الدراسي بعد غدٍ الأحد (24 نوفمبر 2024م) بعد طول انتظار مع الحرص على تنظيم امتحانات الشهادة السودانية في (28 ديسمبر 2024م)، لتؤكد للجميع أن التعليم هو السبيل الأهم نحو بناء الإنسان و بناء المستقبل جاءت هذه الخطوة المهمة لتكون بمثابة أمل جديد رغم كل التحديات التي تواجهها بلادنا.
كما نعلم أن الشهادة السودانية تعتبر أحدى أهم المحطات في مسيرة الطالب و الأسرة السودانية، و النجاح فيها يمثل بوابة نحو التعليم العالي و فرص الحياة، رغم الظروف الراهنة تمكنت وزارة التربية والتعليم من تحديد موعدٍ جديدٍ لامتحانات الشهادة السودانية بعد تأجيلها في العام الماضي بسبب الحرب. و بذلك سيتمكن كل طلاب السودان في الولايات الآمنة من الجلوس للامتحانات هذا العام بجانب حوالي(25) ألف طالب و طالبة في ولاية الخرطوم.
حسب متابعتنا لم تقتصر الجهود على ذلك فحسب، بل تم إعادة تنظيم مراكز الامتحانات لتتناسب مع أماكن نزوح الطلاب سواء داخل السودان أو خارجه، و هذا التسهيل ربما يضمن للطلاب فرصة الجلوس للامتحانات بغض النظر عن أماكن تواجدهم مما يجعل العملية التعليمية أكثر مرونة و قرباً لهم في هذه الظروف.
أما في مرحلة تعليم الأساس و المتوسطة فقد أكملت وزارة التربية والتعليم في ولاية الخرطوم تنظيم الدروس للصفين الثالث متوسط و السادس أساس بعد تأجيل طويل، كما أكملت تسجيل الطلاب في هذه الصفوف على أن تبدأ الدراسة الفعلية كما أُعلن بعد غد في(24 نوفمبر 2024م). مع هذا التوقيت بحسب معلمين فإن الوزارة تكون قد ضمنت للطلاب فترة كافية لمراجعة المقررات السابقة التي تم تأجيل الامتحان فيها بسبب ظروف الحرب و القصف العشوائي بواسطة مليشيا الدعم السريع الذي ظل يستهدف أماكن المدنيين.
لذلك يمكننا القول أن هذا التوقيت المتسق مع التحديات الراهنة يعكس مرونة النظام التعليمي و قدرته على التكيف مع الظروف، بالرغم من أن بعض المدارس تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين فإن الوزارة تبذل قصارى جهدها لتوفير بيئة تعليمية آمنة و مستقرة و متاحة للطلاب و هو ما يعكس دورها و أهمية التعليم في بناء الأجيال القادمة.
من المعلوم أن الجميع ظل يترقب استئناف الدراسة في الأماكن الآمنة بولاية الخرطوم بعد أن اضطرت بعض الأسر للنزوح للولايات الأخرى لأجل التعليم، من هنا تأتي أهمية انطلاق العام الدراسي؛ فكما نعلم أن الأسر تلعب دوراً محورياً في نجاح أبنائها بتوفير الدعم النفسي و المعنوي لهم لمواصلة التعليم و النجاح، حيث أن ثمرة ذلك هي التعاون بين الأسر و المدارس و هو العنصر الأساسي في العملية التعليمية لضمان النجاح.
في هذه الأوقات العصيبة لا بد من التأكيد على أن التعليم ليس فقط وسيلة لاكتساب المعرفة، بل هو رسالة أمل لكل الأسر السودانية. في هذا السياق، دعا أستاذ الرياضيات المعروف (مهاجر عبد الرحمن) إلى أهمية استئناف الدراسة، و قاد مبادرة في ذلك حركت جميع وسائل التواصل الاجتماعي قال: “إن التعليم في هذه الظروف الصعبة ليس فقط وسيلة لتعلم المواد الدراسية، بل هو رسالة أمل لكل طالب و أسرته. في قلب كل صعوبة تكمن فرصة جديدة للنمو و التفوق، ما نحتاجه اليوم هو أن نغرس في طلابنا الأمل بأن التعليم هو الطريق الذي سيقودهم إلى مستقبل أفضل، و أننا كمجتمع لا يمكننا أن نسمح لهذه الحرب أن تقف عائقاً أمام تطور أبناءنا و نجاحهم.”
في ذات المضمون ، قالت الأستاذة (انشراح أوشي) في قناتها علي تلغرام و هي إحدى المعلمات المميزات والتي تحظي منصتها التعلمية بمتابعة واسعة: “أرى في عيون طلابي عزيمة لا مثيل لها، و رغبة كبيرة في التغلب على التحديات. فالتعليم هو الأداة التي يمكننا بها بناء وطن جديد. في هذا الوقت العصيب لا بد أن يتعلم طلابنا أن الصعوبات لا تعني الفشل، بل هي فرص لتحويل الأزمات إلى نجاحات. و نحن كمعلمين في خط المواجهة يجب أن نكون أكثر من مجرد مصدر للمعلومات، بل مصدراً للإلهام و الدعم النفسي لطلابنا ليعلموا أن لديهم القدرة على تجاوز هذه الصعوبات.”
إن استئناف العام الدراسي في ولاية الخرطوم في هذه الظروف يمثل رسالة واضحة بأن نسبة الأمان باتت عالية لدرجة الاطمئنان و أن التعليم هو الأمل الوحيد لبلدنا لبناء المستقبل. فكل طالب ينجح في استكمال دراسته ،في جميع المستويات، هو بطل و مجاهد يحمل شعلة الأمل نحو مستقبل أفضل له و لأسرته و لبلادنا. على الرغم من التحديات العميقة التي فرضتها الحرب إلا أننا لا بد من أن نتمسك برائعة (تجاني حاج موسي) “متشكرين ومقدرين يا مدرسات يا مدرسين يا معلمات يا معلمين، جرس الصباح زي المؤذن للصلاة حالاً ضرب بانتظام ماشيات صفوفنا بأدب، ونقول سلامنا للعلم شايلين كتبنا و القلم و على الفصول حالاً ندور، متشكرين ومقدرين”.
يرى وجه الحقيقة : أهمية أن يبقى العام الدراسي الجديد مصدراً للإلهام و الوطنية ،لجميع الأسر السودانية، فإن استئناف الدراسة في هذه الظروف الصعبة يعكس إصرار الحكومة على بناء الإنسان و بناء الوطن، كما يجب أن تظل المدرسة دائماً أساسا للمستقبل و سيظل المعلمون شموعاً تأبى أن تنطفئ.
دمتم بخير و عافية.
الجمعة 22 نوفمبر 2024م
Shglawi55@gmail.com