وجه الحقيقة … عيد الشرطة و ذكرى أبطال ثورة اللواء الأبيض: تاريخ يؤكد عظمة هذا الشعب .. بقلم/ إبراهيم شقلاوي

يحتفل السودانيون في الرابع من ديسمبر من كل عام بعيد الشرطة السودانية حيث يصادف هذا اليوم ذكرى تأسيس هذه المؤسسة الوطنية العريقة و مرور سبعين عاماً على تعيين أول مدير عام لقوات الشرطة في الرابع من ديسمبر (1954). كما أنه يعكس فخر السودانيين بقواتهم الأمنية الشرطية التي تواصل أداء واجبها الوطني بكل تفانٍ و إتقان رغم تحديات الحرب . ظلت الشرطة السودانية تتمتع بتاريخ طويل من الكفاءة و المهنية ما يجعلها أحد الركائز الأساسية في استقرار البلاد . حيث ظل سجلها ناصع و خالٍ من “جريمة ضد مجهول”، و هي ميزة نادرة كما نعلم مقارنة بالعديد من الأجهزة الشرطية في دول المنطقة العربية و أفريقيا. يعكس هذا التميز قدرة الشرطة السودانية على التحقيق و التتبع و الضبط بشكل فعّال مما يعزز ثقة المواطنين في هذا الجهاز الأمني الراسخ.
كما أن هذا السجل النظيف يشير إلى أن الشرطة السودانية تعمل بمهنية عالية، و تلتزم بالقيم الأخلاقية بجانب الضبط و الربط و الكفاءة المميزة، مما يجعلها نموذجاً يُحتذى به في المنطقة. تواصل قوات الشرطة دورها في الحفاظ على الأمن و حماية المواطنين و يظهر ذلك بوضوح من خلال استجابتها السريعة لمختلف الأزمات و التحديات. مؤخراً، برز دور شرطة الاحتياطي المركزي “أبو طيرة” في مواجهة تمرد مليشيا الدعم السريع ، كانت في مقدمة الصفوف كتفاً بكتف مع القوات المسلحة السودانية، حيث قدمت تضحيات كبيرة و استطاعت دحر المليشيا المعتدية التي حاولت زعزعة استقرار البلاد.
كذلك لا ننسى دور شرطة الدفاع المدني ذات الاستجابة السريعة و مساهمتها في استعادة الأمن عقب تحرير منطقة أم درمان القديمة و (أم بدات)، حيث قامت شرطة الدفاع المدني بدور كبير في إزالة الأنقاض و تطهير منازل المواطنين من مخلفات الحرب و إزالة الجثامين من الطرقات بالتعاون مع الجهات الصحية، ما ساعد في استعادة الحياة الطبيعية في تلك المناطق.
كما تعاونت شرطة الدفاع المدني مع المحليات في توفير خدمات المياه للمواطنين و ضمان سلامتهم الصحية وسط ظروف الحرب. إضافةً إلى ذلك، قامت الشرطة بتقديم خدمات الطوارئ مثل عمليات الإخلاء و الإسعاف و هو ما يعكس تضافر الجهود الوطنية في مواجهة التحديات الأمنية و الإنسانية. لذلك تظل هناك قضية مهمة من بين القضايا التي تشغل بال العديد من قيادات الرأي هي إعادة ضباط الشرطة المفصولين تعسفياً بعد ثورة ديسمبر (2019). هؤلاء الضباط كانوا قد فُصِلوا بسبب الظروف السياسية المضطربة بعد الثورة رغم أنهم كانوا يتمتعون بكفاءة عالية في أداء مهامهم. لذلك فإن إعادة هؤلاء الضباط إلى صفوف الشرطة ستمثّل خطوة هامة لرفع الكفاءاة و إنفاذ القانون.
بما يملكون من خبرات واسعة في التعامل مع الأزمات الأمنية ، وسيكون لعودتهم أثر إيجابي في تعزيز الأمن والاستقرار في البلاد ، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية الحالية . نؤكد أن عيد الشرطة السودانية مناسبة لتجديد العهد مع الله و الوطن والشعب السوداني ، ذلك ما أكده الفريق أول شرطة (حقوقي) خالد حسان محي الدين ، المدير العام لقوات الشرطة السودانية حيث قال : أن الشرطة ستظل تواصل واجبها الوطني بكل تفانٍ، مع تعزيز دورها في إستعادة الأمن واستقرار البلاد .
كما أشار إلى أن الشرطة السودانية ستظل درعاً واقياً ضد أي تهديدات تمس الوطن و أمنه. استطاعت الشرطة السودانية التغلب على العديد من الأزمات التي شهدتها فترة هذه الحرب، و حققت نجاحات باهرة في استعادة مؤسساتها الأمنية و أنظمتها الضابطة للأداء مثل السجل المدني و نظام البصمة و أنظمة التتبع و كافة الأنظمة الأخرى التي تعزز مظهر الدولة و تمكّن من ضبط المخالفات الأمنية.
عليه فان الشرطة ينتظرها الكثير في اليوم التالي من الحرب حيث يجب أن تكون ركيزة أساسية في إستعادة الأمن و النظام، و تعزيز سلطة القانون و ضمان حماية المدنيين من أي أعمال عنف محتملة أو فوضى قد تنشأ بين الأفراد، بجانب حماية الممتلكات العامة و الخاصة بما في ذلك منشآت الدولة و البنية التحتية المتضررة. كذلك العمل على ترسيخ الثقة بين مختلف الكيانات الاجتماعية و فرض هيبة الدولة. بالإضافة الي إطلاق المبادرات لتعزيز الوعي بأهمية الأمن بجانب ضبط الوجود الاجنبي و تدفق اللاجئين عبر الحدود و تطوير القانون في مواجهة ذلك.
أيضاً من المهم أن نشير إلى ثورة (اللواء الأبيض) كنموذج للتضحية و الفداء و نحن نستفيد من دروس حرب الكرامة و التي تتزامن ذكرى عيد الشرطة مع إحياء ذكرى ثورة اللواء الأبيض في عام (1924)، التي كانت إحدى المحطات الهامة في تاريخ السودان، حيث قدم الثوار تضحيات كبيرة في سبيل تحرير البلاد من الاستعمار الإنجليزي. و كان الهدف من هذه الثورة هو التحرر الوطني و رفض الاحتلال و قد سطر أبطالها ملاحم بطولية في تاريخ السودان.
إن احتفال السودانيين بأبطال تلك الثورة الذين قدموا أرواحهم فداءً للحرية يؤكد أن الشعب السوداني ظل دائماً في طليعة المدافعين عن كرامته و أمنه. عليه و كما نرى من وجه الحقيقة أن عيد الشرطة السودانية و ذكرى أبطال ثورة اللواء الأبيض، تعكس الإرث البطولي للشعب السوداني في سبيل بناء دولة حرة و مستقلة ضد الأطماع الاستعمارية الإقليمية و الدولية. بالرغم من التحديات التي تواجهها البلاد، تظل الشرطة السودانية درعاً للأمن و الاستقرار و نموذج لكفاءة الأداء من خلال حماية الامن و حفظ مؤسسات الدولة السودانية.
دمتم بخير و عافية.
الجمعة 6/ ديسمبر 2024 م
Shglawi55@gmail.com