الأزمات و الفتن ملعب الشيطان ليتزلل الإيمان من أعماق فؤادك و تظن قد عجزت قدرة الله عن نصرك، إنما حكمة الله فى الأمر فما عليك إلا بالاستسلام، فلا تراجع الله فى قضائه أو فيما قدّر في ملكه، فابتعد عن جولات الشيطان ليصور لك العجز الإلهي -و معاذ الله عن ذلك- حتي تخار عزيمتك و تشك فى قدرة الله فى النصر، فما صورة (سمية بنت الخياط) و أبو جهل يغرس الحربة فى بطنها عجز، و إنما ذهبت (سمية) شهيدة مخلّدة و أبو جهل مخلّد فى النار، و ما صورة (بلال) و (أمية) يسحقه فى رمال مكة و الصخرة على صدره ليخلّد أجمل أنشودة فى التوحيد ( أحدٌ … أحد)، ألم يكن الأحد أن ينقذه من هذا العذاب بل ليرتقي بلال و يصدح بالاذان و يسمع الرسول صلي الله عليه و سلم خشخشة نعليه في الجنة.
لو تدخلت قدرة الله لما كان هنالك امتحان و تمحيص، و لَمَا قُتل أصحاب الأخدود حرقاً بالنار لتخلد فى ذهنك أين الله، فالظلم لم يكن القصاص منه فى الدنيا و أن كانت كذلك لما كانت هناك نار و صراط و جنة، فمعركتك الكبري مع نفسك و أن تثبُت على الحق، و أن تؤمن بحكمة الله فى كل المعارك التي تجرى حولك أو عليك فلا تخسر معركتك و تظن أن الله تخلّي عنك، إنما مهلة للظلام فيأخذه أخذ عزيز مقتدر كما أطبق علي فرعون البحر مخلداً فى النار، إنما امتحان و إياك أن تظن أن يصدح الحق فى كل صراع مع الباطل حتي يكون ميزان الحساب منصوب يوم التغابن، و حتي تُزلزل القلوب و تصهر على معركة المبادئ جباه الصادقين، و تمِيز المنافقين الذين يناصرون الباطل بالصمت أو الوقوف على صف الشياطين، ستُسأل عن موقفك أمام الخلائق و يكون مكشوفاً، فمكة فُتحت و دخلها المستضعفون وضح النهار إنما كان بموقف (حمزة) و غيرهم من الصحابة فى جيش قوامه عشرة ألف صحابي و الواحد منهم بعشرين بعد أن خرجوا منها مطاردين مشردين تركوا كل شيء وتسللوا فى دروب الصحراء تتصيدهم الوحوش فمنهم من فدى نفسه بالمال و منهم عبر البحر إلى الحبشة فكان اللقاء علي أبواب مكة، فلِربّك حكمة فى تنفيذ الحوادث فقد غاب عن فتح مكه (حمزة)، و (مصعب)، و (خباب)، و (عمار)، و (خديجة) و (نسيبة بنت كعب) و غيرهم، عبروا بنفوسهم إلى جنات الخلد فهي نفس الخطى ملامس النعل بين رِجل (إبراهيم) و (إسماعيل) في وادٍ غير ذي زرع و بين نعل الرسول -صلي الله عليه و سلم- فاتحاً لمكة بعد زوال صناديد الكفر و الأصنام منها.
ساعة فى حكم الله أسرع من البرق ليأخذ الظالمين، و يفرح عندها المؤمنون بنصر الله، و تسير فى ربوع السودان الشاة لا تخاف إلا الذئب، ساعات تتوج كل الربوع بنصر الله فرحاً، و ترقص سنابل القمح فى (أرض المحنّة) و (الميرم) في (فاشر أبو زكريا)، و لكن حكمته أن يعبر الشهداء إلى جنات ممن اختارهم في (المدرعات) أو (ود الدنورة) أو (السريحة) أو الفاشر و (الجنينة) أو كل الجزيرة هى أقدار الله و اصطفاء للفوز عبر هذا البلاء، لينجح فيه من صدق، و يفشل و يخسر من ناصر العدو، و يسقط المتساقطون من المنافقين عند أبواب الوطن تلاحقهم أذيال الهزيمة، لتضيق أبواب الملوك عليهم و تطاردهم اللعانات فى شوارع المدن كلها و قاعات المؤتمرات إنما هى وقفات تقفها فاختَر أيّ موقفٍ تقف و تُسألون !!!!.