◾مازال الموقف البريطاني المناويء للسودان لم يبرح موقفه، إذ تحاول الضغط عبر أدواتها في مُمارسة سلطتها عبر عضويتها الدائمة في مجلس الأمن على الحكومة السودانية، على الرغم من التساهل الذي قدمته الأخيرة في إستمرار فتح معبر (أدري) بين السودان و تشاد و مبادرتها في فتح معابر أخرى لتوصيل المساعدات الإنسانية كما يدعون.
◾ما زال معبر (أدري) يمثل البوابة الرئيسية لدخول الدعم و العتاد العسكري و اللوجيستي للمليشيا المتمردة على الرغم من الدلائل و الإثباتات التي قدمها السفير الحارث إدريس مندوب السودان في الأمم المتحدة حول استخدام المعبر لغير الأغراض الإنسانية التي أتفق عليها.
◾شهدت جلسة مجلس الأمن الأخيرة حول السودان تصويتاً على مشروع قرار قدمته بريطانيا تقول فيه أنه يهدف لوقف الأعمال القتالية و ضمان وصول المساعدات الإنسانية و حماية المدنيين.
◾لم يمر مشروع القرار البريطاني بسبب إستخدام روسيا الاتحادية حق النقض (الفيتو) في مواجهته، على الرغم من تأييده من أربعة عشر عضواً في مجلس الأمن بما فيهم دولة سيراليون هذا الانقسام في المجلس يعكس تبايناً في المصالح الدولية حول الأزمة السودانية.
◾تأتي قراءة تلك المواقف الرافضة من جانب روسيا و بعض الدول الصديقة للسودان لمشروع القرار البريطاني بالنسبة للحكومة السودانية في أُطر عدة، نورد أهمها فيما يلي:
1. الموقف الروسي الذي تماهى مع موقف الحكومة السودانية يعزز من موقفها الرسمي على الساحة الدولية، حيث أن روسيا رفضت الإشارات التي تقلل من سيادة الحكومة السودانية أو تضعها على قدم المساواة مع الدعم السريع أو أي أطراف أخرى مما يعزز الاعتراف بها كسلطة شرعية وحيدة مسؤولة عن إدارة الأزمة.
2. معارضة روسيا لأي إشارات لمراقبة أممية أو تدخل خارجي في إدارة المساعدات يعكس حرصها على منع تدويل الأزمة أو تقويض دور الحكومة، هذا النهج يتيح لحكومة السودان مساحة أكبر في ترتيب أوضاعها الداخلية من حيث سير العمليات العسكرية و خارجياً في حشد الدعم والسند الدولي عبر الدبلوماسية و الإجراءات القانونية في المنظمات الدولية و الإقليمية دون ضغط مباشر من تبني بعض الدول لقرارات في مجلس الأمن.
3. في سياق مفاوضات مجلس الأمن بادرت الحكومة السودانية بإعلان فتح معابر إنسانية إضافية، هذه الخطوة تعكس جدية الحكومة كعضو ملتزم في الأسرة الدولية يسعى لحل الأزمة الإنسانية مما يضعف أي حجج لتدخل دولي.
◾يمكن قراءة تلك المواقف وإنعكاساتها على مليشيا الدعم السريع كالآتي :
1. إصرار روسيا و بعض الدول على الإشارة إلى “الحكومة السودانية” بدلاً من “السلطات السودانية” يعزز من مكانة الحكومة مقابل الدعم السريع، مما يضعف موقف المليشيا بتبني أي دولة لقرارات تعزز من موقف المليشيا المتمردة و انعكاسها على موقفها الميداني في محاور العمليات العسكريه المختلفة.
2. الموقف الروسي و تأثيراته على المواقف الدولية يُظهر إنقساماً و عدم وجود إجماع على دعم مباشر للدعم السريع، مما يعمق عزلته، خصوصاً إذا إستمرت الحكومة السودانية في تقديم تنازلات إنسانية تعزز من مسؤليتها الأخلاقية كسلطة شرعية تجاه المواطنين المتأثرين بالحرب.
◾عليه يمكن النتبؤ بمآلات ذلك الحدث و المعارضة التي اتخذتها روسيا تجاهه، و الفرص التي يمكن للحكومة إستغلالها لما ترتب على الموقف الروسي في عدد من النقاط التالية:
1. عدم توافق أعضاء مجلس الأمن يعني مرونة التحرك السوداني دبلوماسياً لتحسين مواقفه دولياً في تعرية المليشيا المتمردة و داخلياً في ترتيب أوضاعه في تحسين الأوضاع الإنسانية و الأمنية دون تدخلات دولية تضر بذلك.
2. نخلص إلى أن الفيتو الروسي يصب لصالح الحكومة السودانية بناءً على المعطيات التالية:
* روسيا استخدمت الفيتو ضد مشروع القرار بسبب رفضها أي صياغة تضع الدعم السريع على قدم المساواة مع الحكومة السودانية، كما شددت على أن الحكومة السودانية هي الجهة الشرعية الوحيدة لإدارة الأزمة و هذا يدعم موقف السودان .
* مشروع القرار لم يحصل على الدعم الكافي بسبب المعارضة الروسية و الصينية، ما يحرم مليشيا الدعم السريع من فرصة للاستفادة من ضغوط أممية على الحكومة السودانية و يزيد ذلك من عزلته دولياً.
* الخلافات بين أعضاء مجلس الأمن حول آليات التعامل مع الأزمة تُبقي الوضع دون حلول جذرية مما يصب حالياً في مصلحة الحكومة السودانية التي تتمتع بدعم روسيا و الصين في مواجهة الضغوط الغربية.