أصل القضية .. استغلال الفرص: فن تصنعه الأزمات عبر إستراتيجية الجسر و المورد .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

في عالم يعج بالأزمات و الصراعات، تبرز الأزمات ليس فقط كفترات للتحديات بل كفرص ذهبية لإعادة تشكيل المستقبل. هذا ليس مجرد فلسفة مثالية بل هو حقيقة ملموسة شهدناها مراراً في التاريخ. تلك اللحظات التي تبدو فيها البلدان و الشعوب على حافة الانهيار، قد تكون هي نفسها اللحظات التي تتشكل فيها طرق جديدة للحياة و الاستقرار. من هنا، تأتي أهمية استراتيجية الجسر و المورد، تلك التي تمنحنا الأدوات لقراءة الأزمات بطريقة جديدة و تحويلها إلى محاور للتنمية و السلام.
الأزمات: فرصة لإعادة التفكير
حينما تضرب الأزمات، ينشغل العالم عادة بإطفاء الحرائق اللحظية و ينسى غالباً التفكير في البناء طويل الأمد. لكن الأزمات تفتح نوافذ على المستقبل تُكشف من خلالها إمكانيات كانت مستترة وسط روتين الحياة. فالأزمات تمثل فرصة ذهبية للمفكرين و المبدعين، و السياسيين لإعادة تصور العلاقات، سواء كانت داخلية بين الشعوب أو خارجية بين الدول. و قد أثبتت إستراتيجية الجسر و المورد أنها منهج مثالي لتحويل مسارات هذه الأزمات إلى فرص استثمارية و اجتماعية تسهم في الاستقرار.
فن تحويل الأزمات إلى مكاسب
إدارة الأزمة تتطلب أكثر من مجرد استجابة فورية، إنها تتطلب قدرة على تحويل الضغط إلى فرصة. في السودان، على سبيل المثال، لم تكن الصراعات فقط مصدرًا للمعاناة، بل كشفت أيضًا عن موارد اجتماعية وثقافية يمكن توظيفها لبناء استقرار جديد. هناك العديد من التجارب في العالم التي نجحت في استغلال الفرص داخل فترات الأزمات: كالثورة الصناعية التي تبعت الكوارث الاقتصادية، أو الطفرات التكنولوجية التي ظهرت بعد الحروب. هنا يتضح أن الأزمة لا تأتي لتدمير المستقبل فقط، بل تتيح فرصة لمواجهة الحقائق و إعادة ترتيب الأولويات.
الجسر و المورد: جسر إلى الاستقرار
تعتمد استراتيجية الجسر والمورد على عنصرين رئيسيين: الأول، هو إيجاد الروابط و الجسور بين مختلف الأطراف المتصارعة أو المتنافسة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. و الثاني، هو استثمار الموارد المتاحة بشكل أكثر فعالية و إبداعية لتوليد فرص جديدة للتنمية و الاستقرار. هذه الاستراتيجية، التي تبدو بسيطة في مفهومها، تحمل في طياتها أدوات قوية لتحويل الأزمة إلى منطلق للنمو و الابتكار.
على سبيل المثال، يمكن النظر إلى الموارد الثقافية والاجتماعية للسودان ليس فقط كتراث قديم، بل كمفاتيح لإيجاد حلول جديدة للتنمية. من خلال تبني إستراتيجية الجسر و المورد، يمكن للسودان تحويل موارده الطبيعية و الاجتماعية إلى دُعامة للاستقرار المستدام، و ذلك عبر استغلال الفرص التي تخلقها الأزمات، سواء في التمويل غير التقليدي أو في تعزيز العلاقات الإقليمية و الدولية.
أصل القضية
في نهاية المطاف، تُعزز استراتيجية الجسر و المورد فكرة أن الأزمات ليست مجرد مراحل عصيبة تنتهي مع الوقت، بل هي دروس في إعادة التفكير والتخطيط. الأزمات تكشف عن نقاط الضعف، و لكنها أيضاً تضيء لنا طريق المستقبل. إذا تمكنا من استغلال هذه اللحظات الفارقة بشكل صحيح، فإننا لن نكتفي بالنجاة منها بل سنخرج منها أقوى وأكثر استعدادًا لبناء عالم أكثر استقرارًا و تماسكًا.