مقالات الرأي
أخر الأخبار

خبيرة: التعاون الاستراتيجي بين مصر و الصومال يهدف لتأمين المصالح في منطقة شرق إفريقيا

بقلم الأستاذ/ الهضيبي يس
اتفقت كل من مصر و الصومال على الارتقاء بعلاقتهما من مرحلة التعاون و التبادل الدبلوماسي إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، تشمل المجالات الأمنية و الاقتصادية و السياسية و ذلك عقب زيارة قام بها وزير الخارجية الصومالي إلى العاصمة المصرية ،القاهرة، قبل أيام.

في هذه المقابلة، نناقش مع الخبيرة في شؤون القرن الإفريقي و الشرق الأوسط ،صباح موسى، أبعاد و تأثيرات و مخاوف هذه الخطوة الانتقالية إلى الشراكة الاستراتيجية و ما الذي تسعى مصر لتحقيقه من خلال هذه الخطوة.

  • كيف تُقيَّمين العلاقة بين مصر و الصومال في ظل الانتقال من مرحلة التعاون الدبلوماسي إلى الشراكة الاستراتيجية؟

يُعد هذا الانتقال خطوة مهمة لتعزيز العلاقات بين البلدين، حيث يعكس أن الصومال بات يشكل أهمية قصوى للسياسة الخارجية المصرية. من المتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز التعاون الأمني، بما في ذلك إرسال قوات مصرية إلى الصومال ضمن بعثة حفظ السلام الأفريقية، استجابةً لطلب حكومة مقديشو.

اقتصاديًا، شهد التبادل التجاري بين البلدين ارتفاعًا من 51 مليون دولار في عام 2023 إلى 59 مليون دولار في عام 2024. و مع ذلك، يُعد هذا الرقم محدودًا مقارنة بحجم العلاقات الأمنية و الاقتصادية و التاريخية التي تربط البلدين، ما يتطلب تكثيف الجهود لتعزيز التعاون في مختلف المجالات.

على الصعيد التاريخي، لا تزال مصر تتذكر حادثة اغتيال الدبلوماسي المصري (كمال الدين حسين) في الصومال عام 1957، إثر دعمه حقوق الصوماليين في الاستقلال، كما تُعد مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960 مما يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.

  • ما هي الأبعاد الاستراتيجية و الفوائد المتوقعة من الخطوة على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا؟

تسعى مصر إلى تأمين حدودها الممتدة نحو العمق الأفريقي عند دولة الصومال، مع التركيز على حماية الممرات المائية الحيوية في البحر الأحمر و خليج عدن. يُعد هذا الأمر ضرورياً لضمان سلامة عبور السفن عبر قناة السويس، إلى جانب مواجهة أي أطماع لبعض الدول التي تحاول تغيير خريطة المنطقة بما قد يشكل تهديداً للأمن القومي المصري خصوصاً عند منابع نهر النيل.

إقامة علاقات استراتيجية مع الصومال تُعد خطوة محورية في تعزيز الأمن القومي المصري على المستويين الإقليمي و الدولي، كما أنها تدعم استقرار منطقة القرن الأفريقي و تعزز مكانة مصر كفاعل أساسي في الحفاظ على توازن المصالح الإقليمية.

  • ما هي أبرز التأثيرات الأمنية والاقتصادية للانتقال بالعلاقة بين مصر و الصومال إلى مرحلة التحول الاستراتيجي؟

هناك عدة تأثيرات هامة ناجمة عن هذه الخطوة التي تهدف إلى تحويل العلاقة بين البلدين إلى مرحلة استراتيجية.

على الصعيد الاقتصادي، يُتوقع تحقيق مكاسب بارزة، لا سيما أن الصومال تُنتج سنوياً حوالي (40٪) من قيمة الثروة الحيوانية في أفريقيا. هذا يُوفر فرصاً كبيرة للتعاون التجاري و الزراعي بين البلدين.

أما على الصعيد الأمني، فإن مصر تتمتع بخبرة واسعة في مكافحة الإرهاب، في حين أن الصومال يمر بمرحلة حاسمة تتطلب دعماً لبناء الدولة وتعزيز الأمن والاستقرار. هذا التعاون يعزز قدرة البلدين على مواجهة التحديات المشتركة و تحقيق تأثير إيجابي ملموس على مستوى منطقة الشرق الأوسط و إفريقيا.

  • ما حقيقة المخاوف المصرية في منطقة شرق إفريقيا التي دفعتها لتطوير العلاقة مع الصومال إلى مرحلة استراتيجية؟

بالتأكيد، هناك مخاوف مصرية متزايدة في منطقة شرق إفريقيا، و التي دفعت القاهرة إلى تعزيز علاقتها مع الصومال إلى مستوى استراتيجي. تأتي هذه المخاوف بشكل رئيسي نتيجة للتحركات الإثيوبية، بما في ذلك توقيع اتفاقية مع إقليم أرض الصومال “صوماليلاند” المطل على البحر الأحمر، وهو ما يشكل تهديداً محتملاً للمصالح المصرية، رغم العلاقة الجيدة بين مصر و الحكومة المركزية الصومالية.

و قد أسفرت هذه الديناميكيات عن تشكيل تحالف يضم مصر، الصومال و إريتريا، مع احتمالية انضمام السودان مستقبلاً عقب انتهاء النزاع الدائر هناك و ذلك لمواجهة التحركات الإثيوبية التي تعتبر تهديداً للمصالح المصرية.

صحيح أن الصومال وقّعت اتفاقاً مع إثيوبيا بوساطة تركية، لكن هذا الاتفاق لا يزال في مرحلة المفاهيم و لم يُطبَّق فعلياً على أرض الواقع. كما أن إثيوبيا ما زالت تشكل تهديداً للمصالح القومية الصومالية، مما يعزز مخاوف مصر من أن إثيوبيا ليست ملتزمة بالاتفاقيات و المعاهدات الدولية.

يمكن القول إن هذه القضية مترابطة بشكل وثيق. مصر تسعى لتأمين حدودها المائية و ضمان عدم وجود أي تهديدات لحركة التجارة العالمية عبر قناة السويس. في المقابل، الصومال رغم توقيعها الاتفاق مع إثيوبيا، لم تتخلّ عن مخاوفها مما دفعها إلى تعزيز علاقاتها مع مصر و الانتقال بها إلى مستوى استراتيجي حفاظاً على أراضيها ومواردها. أما إثيوبيا، فإن مشروعها التوسعي جعلها تفقد علاقاتها مع جيرانها، ما أثار المخاوف و الشكوك حول نواياها الحقيقية و سعيها لتحقيق مصالحها على حساب استقرار المنطقة.

  • عن ماذا تبحث مصر من خلال التعمق في منطقة شرق إفريقيا؟

تبحث مصر في  منطقة شرق إفريقيا عن تأمين مصالحها الاستراتيجية، بما يضمن إزالة أي مخاطر أو تهديدات تؤثر على مضيق باب المندب و خليج عدن. كما تسعى إلى الاستفادة الاقتصادية من دولة مثل الصومال، ما يجعلها سوقاً جديداً للمنتجات المصرية بالإضافة إلى استغلال الموارد الطبيعية الصومالية وخاصة اللحوم.

هذا التوجه يؤكد أن مصر لا تمتلك أي أطماع توسعية في منطقة شرق إفريقيا، بل تسعى إلى تعزيز و تطوير علاقاتها مع دول المنطقة بما يحافظ على مصالحها الاستراتيجية و حدودها المائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى