
– من ابتلاءات السودان و أهله نكران الجميل ممن أحسنوا إليهم فلا يجدون منهم إلا جفاء و نذالة، و لعمري هذا دليل على خِسَّة النفس و حقارتها إذ النفوس الكريمة لا تعرف الجحود و لا النكران .. و لقد دعتني للخلاف عشيرتي … فعددت قولهم من الإضلال .. إني امرؤٌ فيَّ الوفـــــاء سجيـة … و فعــال كل مهـذب مفضـال.. أما اللئيم فإنه لا يزيده الإحسان و المعروف إلا تمردًا … إذا أنت أكرمت الكريم ملكته … وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا…
– أكثر ما اثار حفيظتي و جعلني استدعي هذه السطور رفض الحكومة التشادية إقامة امتحانات الشهادة السودانية للطلاب اللاجئين على أراضيها، فلن يكفيها دعمها للتمرد الإثم و موالاتها لأسياد المال و الدرهم، و الشيء بالشيء يذكر أن نصف المتعلمين من الشعب التشادي يحملون الشهادة الأكاديمية السودانية و نصف هؤلاء خريجو الجامعات السودانية و على رأسها (المركز الإسلامي الأفريقي) جامعة أفريقيا العالمية.
– في إحدى زياراتي المتكررة إلى تشاد ضمن الآلية التنفيذية لاتفاقية التوأمة بين ولاية الخرطوم و العاصمة التشادية انجمينا تعرفت على أنماط المستوى التعليمي هناك، فهو مابين ثلاثة ثقافات، الأولى خريجي المدارس و الجامعات السودانية ،و الثانية خريجي المدارس و الجامعات الفرانكفونية أما الثالثة خريجي الخلاوي و المهاجرية (القونية)، إلا أن النمط التعليمي السوداني هو الأعلى كعباً و رغبة في التزاحم لطلب العلم في تشادـ و الشاهد على ذلك في جلسة تعارف مع عمدة بلدية انجمينا قدم لنا أعضاء حكومة البلدية البالغ عددهم (٢٩) عضواً من بينهم (٢٢ ) عضو من خريجي مدرسة الصداقة السودانية التشادية التي افتتحت في انجمينا في العام ١٩٧١م، و ظلت ترفد المجتمع التشادي بالخريجين ثم الحقت مدرسة التوأمة بمدينة ابشه في العام ٢٠٠٢م.
– كانت ولاية الخرطوم تشرف على تجهيزات المدرسة، إذ انتدبت إليها (٢٦) من المعلمين تذهب مرتباتهم شهرياً من ميزانية حكومة ولاية الخرطوم ضمن برنامج التوامة بين العاصمتين،
– لم يتوقف دعم ولاية الخرطوم للعاصمة انجمينا، و لك أن تتخيل أن الخرطوم تشرف على مكافحة الباعوض في انجمينا بارسال (٣) طائرات شهرياً للرش بالمبيد الرذاذي، و حين تتأخر الطائرات لأسبوع يتصل عمدة انجمينا بوالي الخرطوم باللهجة التشادية ( ياحاكم أم بعوضة أكلنا) ..
– امتدت اعمال التوأمة الى تحملت ولاية الخرطوم خلالها نفقات رصف و إنارة أول طريق إسفلت بالعاصمة انجمينا (شارع نميري)، و تتبعت أنا شخصيا ضمت مهام الآلية التنفيذية للتوأمة بشهادة للتاريخ (البطاح) الذي يحمل أعمدة الإنارة الذي تحرك من (سوق ليبيا) إلى أن دخل العاصمة التشادية بعد اسبوع وشهدنا الاحتفال باول (عمود نور) يزين الطريق.
– شهد السفير عبدالله (الشيخ نور الدين) على توقيع محضر استلام احتياجات الاحتفال بالعيد الوطني التشادي في ٢٠١٠م، من عربات و (لودرات) لرصف الطرق، و محطة إذاعية كاملة، و عدد من البيوت المحمية و حتى مفرقعات الألعاب النارية و إضاءات تزيين الطرق التي نُقلت بطائرة شحن (إليوشن) الى العاصمة انجمينا.
– يا لتفاهة القدر أن تتنكر تشاد على أفضال السودان و لحم أكتافهم من خيره، يا لتفاهة القدر أن تتمنع الحكومة التشادية من إقامة امتحانات الشهادة السودانية للطلاب السودانيين الذين أجبرتهم ظروف الحرب للجوء إلى تشاد و تسببت في حرمانهم من حقوقهم الانسانية في التعليم، و حتى الأمس القريب كان الوزراء و أعضاء الحكومة التشادية و صفوة المجتمع هناك يتسابقون للظفر بمقعد لتعليم أبنائهم في مدرسة الصداقة السودانية في انجمينا التي تستوعب (٩٠%) من التلاميذ (تشاديين) و أقل من(٥%) سودانيين حينما كان السودان جنة تشاد على الأرض.