══════❁✿❁════
*تمديد الهدنة الانسانية في السودان*
*قياس ما تحقق*
الأربعاء : ٣١مايو ٢٠٢٣م
═════❁✿❁═════
✍️ *إعداد : الدائرة السياسية _ مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام .*
———————————————-
*اولاً : التسلسل الزماني :-*
منذ اندلاع القتال بلغ اجمالى الهدن الموقعه بين الأطراف عدد خمس هدنة قصيرة تجاوزت في مجموعها (٢١ )يوما من اجمالي فترة النزاع والتى بنهاية الهدنة الخامسة تكون قد وصلت الى (50 ) يوماً حتى الان على النحو التالي :
١. الهدنة الأولى: بوساطة الأمم المتحدة لمدة 3 ايام بتاريخ 21 بريل 2023.
٢. الهدنة الثانية: بوساطة من رئيس دولة جنوب السودان لمدة ثلاثة ايام بتاريخ 4 مايو 2023.
٣. الهدنة الثالثة: بوساطة أمريكية بتاريخ 25 ابريل 2023 م لمدة ثلاثة ايام
٤. الهدنة الرابعه :وقف اطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية لمدة سبعة أيام بتاريخ 20 مايو
٥. الهدنة الخامسة: وهي تمديد الهدنة القائمة لمدة خمسه أيام اضافيه ابتداء من 29 مايو
*الهدنة الموقعه .. الإطار الموضوعي :*
كل الهدن السابقه تم توقيعها لأغراض إنسانية بحته وتم النص على هذه الأغراض الإنسانية وتم التفاوض حولها في آعلان جدة وشكلت هي أيضاً الأساس العملى لتوقيع اتفاقية جدة لوقف إطلاق النار قصير المدى ، و الذى جرى تمديده الان ، من خلال عدة نصوص من ابرزها :
١ . الالتزام بالسماح بالمرور الآمن للمدنين الفاريين طوعا من أماكن القتال ،والتمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية …الامتناع عن الهجوم الذي يتسبب في أضرار مدنية عرضية … تجنب تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، وعدم استخدام الدروع البشرية … عدم استخدام نقاط التفتيش في الحد من حرية تنقل المدنيين والجهات الإنسانية … الإلتزام بحماية ضروريات المدنيين متل الغذاء والماء والمحاصيل والثروة الحيوانية … حظر النهب والسلب والاتلاف …الإلتزام بحماية المرافق الطبية والمستشفيات، وسائل النقل الطبي وسيارات الإسعاف ، ومنشآت المياه والكهرباء، وعدم استخدامها للأغراض العسكرية … الإلتزام بإحترام وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة … عدم التعدي على حق المدنيين بالمرور والسفر بالطرق والجسور … السماح بجمع الجرحى والمرضى وإجلائهم، … السماح بعمل المنظمات الإنسانية … الامتناع عن تجنيد الأطفال.. والوقف عن الاحتجاز القسري للمدنيين … الإمتناع عن التعذيب والعنف والاعمال اللا إنسانية .. معاملة جميع الأسرى بطريقة إنسانية وتمكين المنظمات الإنسانية من الوصول المنتظم إلى الأشخاص المحتجزين.
٢. وشمل إعلان جده عدة بنود احتوت على إجراءات تخفيف المعاناة الإنسانية ،وحماية الأشخاص غير المقاتلين ،والسماح باستئناف العمليات الإنسانية الأساسية، وحماية العاملين في مجالها .. السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون أي عوائق، بما في ذلك المعدات الطبية ،والقوافل الاغاثية وحركة للعاملين في مجال الإغاثة عبر جميع الطرق المتاحة (وأي ممرات إنسانية قائمة) … واعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لجميع الترتيبات لعمليات الإغاثة الإنسانية … الإلتزام بفترات الهدنة الإنسانية .. والامتناع عن التدخل في العمليات الإنسانية وعدم مرافقة العاملين عند قيامهم بالأنشطة الإنسانية .. حماية واحترام العاملين والأصول والإمدادات وعدم التدخل في أنشطة العمليات الإنسانية … ضمان أمن ممرات النقل ومناطق التخزين والتوزيع .. حظر مهاجمة عمال الاغاثة أو مضايقتهم أو احتجازهم بشكل تعسفي ..عدم الهجوم على إمدادات ومركبات الإغاثة أو تدميرها أو سرقتها.
*الهدنة السابقه.. . قياس ما تحقق*
باعتبار ان جميع الهدنة المؤقته التى جرى التو قيع عليها المقصود بها تحسين الوضع الإنساني.. فالجدير بالذكر أن الأحوال الانسانية في مجملها لم يطرأ عليها أي تحسن فلم يتم مثلاً:
١. الإعلان أن فتح ممر أمن للحركة بين المدن الثلاث ،ولا لتوصيل الاغاثة والمعونات الانسانية ، وبشان مداخل ومخارج ولاية الخرطوم ما تزال قوات الطرفين تقيم حواجز وارتكازات متعددة على الطرق فقوات الدعم السريع تقيم حواجز وارتكازات في طريق شرق النيل مدني، وفي طريق سوبا مدني، وعند مصفاة الجيلي، وفي طريق التحدي الرابط بين الخرطوم وشندى . اماالقوات المسلحة فتقيم العديد من الارتكازات في اتجاه كوبرى الفتيحاب وطريق النيل الغربي قرب مناطق وادي سينا العسكرية . أما الكبارى فلا تزال مغلقة أمام حركة المرور الا الاستثناءات التى تسمح بها القوات الموجودة فيها.
٢. بشان حماية المدنيين والتميز بين الأعيان المدنية والعسكرية، وعدم اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية لم يطرأ أي تحسن جديد فلاتزال قوات الدعم السريع ترتكز في الاحياء ،وتواصل انتشارها بكثافة، بل في مناطق مثل كافورى والخرطوم ٢ والخرطوم ٣ والعمارات أصبح وجودهم أكثر من السكان الأصليين ، وعقب الهدنة الأخيرة تدفقت قوات الدعم السريع إلى مناطق جديدهو داخل الاحياء في مناطق العرضة وبيت المال والمهندسين والمنصورة بامدرمان، ومناطق واسعه من أركويت والطائف والفردوس فضلا عن كامل مناطق الصافية والحلفايا وشمبات وغيرها.
٣. لم يتم الإلتزام باجلاء الجرحى والسماح لهم بتلقي العلاج ، فبحسب إفادة وزارة الصحة . قامت قوات الدعم السريع بالاستيلاء على مزيد من عربات الإسعاف، ورفضت اخلاء المستشفيات، بل في تعدى جديد قامت بمداهمة مستشفى احمد قاسم لأمراض الكلى والقلب ، والمستشفي السعودي لأمراض النساء والتوليد وذلك عقب تجديد الهدنة بساعات … لترتفع عدد المؤسسات الصحية التى داهمتها قوات الدعم السريع منذ بداية توقيع الهدن الخمس الى 14 منشأة صحية من جملة 24 منشأة صحية لاتزال تسيطر عليها كليا أو جزئيا.
4. لم يرصد أي وجود لمنظمات اغاثية والتوزيع معدات ايواء أو مواد تموينية ، ولا تتواجد اي منظمات إنسانية على أرض الواقع .
5. استمر اختطاف المدنيين واتخاذهم دروعا بشرية واظهرت المقاطع المصورة العديد من مشاهد التعذيب والضرب والإهانة والمعاملة اللا اخلاقيه من قبل قوات الدعم السريع .
6. حالات النهب والسلب والاستيلاء على ممتلكات وسيارات ومنازل المدنيين وطردهم منها بالقوة تفاقمت بشدة بعد الدخول في الهدن المتعاقبه ، وتقدر احصاءات غير رسمية ان أكثر من ٧٨ الف منزل تمت مداهمتها و سرقة محتوياتها وأن حوالى 12 الف سيارة تمت سرقتها أو الاستيلاء عليها . .
٧.لم يتم أى تقدم في مجال الإعلان عن أسماء الأسرى بين الطرفين ، ولم يتم احراز أي نتيجه في مجال المختطفين والرهاان المحتجزين .. بل تصاعدت الاختطافات بشكل متكرر ومنتظم .
٨. لم يتم الإلتزام بإحترام وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة …وتم التعدي على حق المدنيين بالمرور والسفر بالطرق والجسور …
٩. بالجملة ورجوعاً الى مانص عليه إعلان جده للأغراض الانسانية واتفاقية جدة لوقف إطلاق النار قصير المدى يمكن القول أنه لايوجد بند واحد طرأ عليه تحسن ولو تحسن لحظة أو شكل وانما غالب الأوضاع الانسانية تراجعت وتدهورت بشكل مريع ومزعج
*آلية المراقبة و ثثبيت حالات الانتهاكات*
رغم ان اتفاق جدة الموقع بين الطرفين بتاريخ 21 مايو 2023 نص على قيام آليه لتطبيق الاتفاق باسم( لجنة مراقبة وتنسيق وقف إطلاق النار وحدد انها تكون من(12)عضوا (3) ممثلين لكل من الطرفين المسهلين لهذا الاتفاق (المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة الأمريكية) و (3) ممثلين لكل طرف. واعطاها صلاحيات واسعه في الاتصال بطرف النزاع واتخاذ، مايلزم من إجراءات لتثبيت حالات انتهاك الهدنة إلا ان اللجنة عانت من معوقات جمه وعلى رأسها :
١. عدم اكتمال البناء التنظيمي للجنة ، وعدم اكتمال عضويتها من حيث ترشيح ممثلي كل طرف واعتمادهم .
٢. عدم صدور لائحة تنظيمية لعمللجنة المراقبه تضبط طريقة ادائها ، وتحدد أنظمة عملها .
٣. لم تصدر اللجنة أي تنوير أو توضيح حول طريقة عملها في التحقق من الانتهاكات ولم تبتدر أو تفتح او تعلن عن أي منصات للتواصل بينها وبين المواطنين للتقدم بشكاويهم والانتهاكات التى تقع عليهم ، واكتفت بالتعامل الفوقي مع اطراف النزاع.
٤. لم تعلن اللجنة عن امتلاكها لأي معينات ادارية او لوجستية للحركة الميدانية تساعدها فى التحقق من الإنتهاكات فور وقوعها .
٥. اصرار اللجنة على تحميل الطرفين المسؤولية المشتركة بشكل معمم وعدم إصدار لائحة تفصلية بحق إنتهاكات كل طرف من الاطراف، وعدم القدرة على تحديد مبتدر الانتهاكات ، ورد الفعل عليه في حدود الأعمال المسموح بها مما جعل تقرير اللجنة الذى يصدر بشكل متقطع ضعيفا جدا وباهتا وفاقداً لكل لون أو طعم .
*تعليق عام :*
١. واضح تمام أن القبول بفكرة الهدنة ليست من إختيار الطرفين، ولا تعبر عن قناعاتهما، إذ يتصور كل طرف امكانية حسم الأمر بالقوة العسكرية من جانبه ، وبالتالي لا توجد أي التزامات حقيقية حيالها.
٢.الاستجابة لدعوات الهدنة جاءا اتقاءاً لسطوة المجتمع الدولى الذى ظل يضغط على الطرفين باستمرار .. وفي ذات الوقت لايتوفر لأي طرف من أطراف النزاع القدرة على مقاومة أو مجابهة إرادة المجتمع الدولي، وعلى وجه الحدود الدول ال اعية للمفاوضات (السعودية _امريكا) .. وبالتالي فإن اللجوء إلى الهدنة لم يكن قرار اختيار وانما هو اجراء اضطرار فقط .
٣. على خلاف ماهو معهود في النزاعات فإن الدعوة إلى توقيع هدنة لأي من الأغراض تتم بعد مرور فترة لاتقل عن ثلاثة أشهر واحيانا ستة أشهر ،وهى الفترة التى تعرف ب(انحسار النزاع ) بيد أن الحديث عن الهدنة الانسانية في هذا النزاع تمت الدعوة إليها في غضون إسبوع من اندلاع النزاع ، وفي أوج اصرار كل طرف على مقدرته على حسم المعارك الدائرة عسكريا ،وبالتالي فإن المنظور النفسي لم يتوفر لقيام هذه الهدن من حيث الأساس ، وبالتالي فقد ولدت بعيدة عن الدوافع الذاتية .
٤. بالنظر الى قياس من هو المستفيد أكثر من فترة الهدنة يبدو واضحا أن قوات الدعم السريع هى اول من طالب بالهدنة كاجراء تكتيكي لتحقيق أربعة أهداف قصيرة وهي :
الأول: تحقيق اعتراف دولي بها كجماعة مقاتل مساوية للقوات المسلحة .
والثاني: إعادة تجميع الصفوف بعد الضربات الجوية المؤثرة وإعادة بناء القدرة القتالية .
الثالث: الحصول على سلاح نوعي لاسيما في مجال مضادات الطيران (صواريخ ارض جو استينغر -صواريخ سام7)عن طريق حلفائها في المنطقة( شركة فاغنر ودولة الإمارات) .
الرابع: إعادة الانتشار في الأحياء المدنية تحضيراً لمرحلة جديدة من حرب المدن .
٤.ما كسبته القوات المسلحه من فكرة الهدنة لا يتعدى سوى محاولة لتحسين صورتها الذهنية لدى المنظمات والمجتمع الدولى عبر التأكيد على احترامها للقانون الدولى الإنساني، ويبقي جانب الخسارة في حقها أكبر من حيث التذمر في قاعدتها الشعبية وسط المواطنين، وتدمير البنية التحتية للدولة ،والتشكيك في قدرتها القتالية على حسم المعارك .
٥. رغم صعوبة الوضع الإنساني وازياد سوء الاحوال ،إلا أن الشعب السوداني لايزال يطمع في نهاية سريعة للحرب الدائرة ، وليس هدنة مؤقته.
*اتجاهات الرأى العام*
١. يرفض الراي العام بشدة فكرة الهدنة ويرى أنه كلما طالت فترة الهدنة كلما زادت التعديات على املاك المواطنين ، وازداد انتشار قوات الدعم السريع في الاحياء السكنية ،وازداد التدمير للممتلكات الدولة ومقدراتها .
٢. يعتقد الراي العام أن قيادة القوات المسلحة ، تعاني من الضعف والهشاشة وتستجيب للضغوط الخارجيه ولاتبدى اي اعتراض حيال الضغوط التى تمارس عليها لمد فترة الهدنة .
٣. يرى الراي العام ان كل الهدنات السابقة لم يتم فيها اى تقدم في الجوانب الإنسانية و لم يتم خروج قوات الدعم السريع من المستشفيات والأحياء السكنية،بل ازداد الوضع سوءا على سوء .
٤.الراى العام محبط بشكل كبير من تزايد الاعتداءات على المنازل وتهجير سكانها وانتشار ظواهر السلب والنهب اثناء كل فترة هدنة ويدعم اتجاه سكان الاحياء في تكوين دوريات لحماية مناطقهم .
٥. يقول الرأي العام أن قوات الدعم السريع بحكم تكوينها العشائرى والقبلي، ومن حيث تدريبها وعقيدتها القتالية من الصعب تماما ان تلتزم بمبدأ وقف إطلاق النار .
————————————————
والدعوات أن يحفظ الله السودان وأهله، وينعم عليه بالأمن والاستقرار … اللهم سلم ، اللهم سلم .
══════❁✿❁════
*مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفيه ودراسات الرأي العام ،مركز اعلامي محايد مستقل.*
══════❁✿❁═════